يستضيف وادي الفن على رماله عرضًا فنيًا عالميًا غير مسبوق: "التِسع أغانٍ" في نوفمبر 2022. يُقام هذا العرض الموسيقي-المسرحي في الهواء الطلق، وسط مشاهد طبيعية لا نظير لها، في قلب صحراء العلا ذات التراث الطبيعي والثقافي العميق، والذي يمتدّ عبر آلاف السنين.

."التِسع أغانٍ" هو مشروع فني تنظّمه الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وتضع رؤيته الموسيقية والإخراجية الفنانة الصينية روي فو، المؤلفة والمغنية والمخرجة الفنية. ويشاركها في صياغة العرض المخرج الفني المشارك فاروق تشودري، والمخرجة الموسيقية جوسلين بوك. يستلهم العمل رؤيته من "أغاني تشو الشعبية"، وهي مجموعة من القصائد الرومانسية الصينية القديمة التي تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقد جاءت هذه القراءة الإبداعية في تناغم عميق مع طبوغرافيا العلا المتعرجة، وتكويناتها الصخرية الآسرة، وروحها الصحراوية الخالدة.يعتمد هذا العرض الشعائري على قسم "جيو جه" من الكتاب، وهو فصل شعري يتضمّن ابتهالات موجهة إلى عناصر الطبيعة من سُحب وجبال وأنهار. وفي حضن منحدرات العلا الرملية ووديانها المهيبة، تُقدَّم هذه الرؤية الفنية التي تُعيد وصل الفن بالطبيعة والإنسان، في طقسٍ بصري وموسيقي يُجسّد الرابط العميق والقديم بين الأرض والإبداع، ويجعل من البيئة مسرحًا حيًا يتنفّس الفنّ.

حول المؤدي

تتخصّص روي فو في تقديم قراءات ارتجالية وانطباعية للتقاليد الموسيقية العرقية الصينية، مستلهمة أعمالها من مرونة هذه التقاليد في التعامل مع الزمن والإيقاع والهوية الصوتية. تنسج فو تعاونات فنية مع موسيقيين من قبائل نائية في الصين، مستكشفة الممارسات الموسيقية للشعوب الأصلية، ومستخدمة آلات نادرة تنتمي إلى تراثهم الثقافي العميق. وتتميّز بأسلوب غنائي خاص، تؤدّي من خلاله بلغة غير معجمية من ابتكارها، تتجاوز بها الحواجز اللغوية والثقافية لتصل مباشرة إلى الإحساس الإنساني.في عرض "التِسع أغانٍ"، تؤدّي فو مقطوعات صوتية حية، تُصاحبها موسيقى تعزَف على آلات الكمان، والقيثارة، والقانون، والعود، والغوكين، وطبول التايكو، في تمازج بين الشرق والغرب، والقديم والمعاصر. يُكمّل العرض تصميم بصري مدهش يشمل الأزياء والمناظر من إبداع ماري كانتينز ومارغو ألان، وإضاءة مسرحية من توقيع فابيانا بيتشولي.يقام العرض على مسرح دائري وسط صحراء العلا، عند الغروب، حيث يسعى إلى خلق حالة تناغم عابرة للثقافات، تستدعي الطقوس والممارسات القديمة من مختلف أنحاء العالم، وتُعيد تشكيلها ضمن سياق تتوحّد فيه تحت سماء واحدة، تقودها الطبيعة كقوة جامعة ومُلهمة.

تقول روي فو، المخرجة الفنية لعرض "التسع أغانٍ":

"لطالما أذهلتني حكايات أسلافنا، أولئك الذين رفعوا ابتهالاتهم الأولى حين وقعت أعينهم على الأرض الشاسعة والسماء الرحبة. إن العودة إلى تلك الحالة الأولى من الذهول والتأمل كانت دائمًا نقطة انطلاقي. سعيت لخلق فضاء موسيقي يمكّنني، من خلال الأصوات، من استعادة صِلة عميقة بطقوس الإجلال والمهابة، وبالمشاعر البدائية التي تفتح لنا بابًا للعبور بذكرياتنا الجوهرية عبر الزمن، نحو المستقبل. من هنا، كانت صحراء العلا، هذه الأرض القديمة، الموقع الأمثل لاحتضان العرض لأول مرة." "تجربتي في التنقّل منذ الطفولة بين الصين، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، ورحلاتي في أكثر من ثلاثين بلدًا، ألهمتني أن أبتكر لغة غنائية خاصة، لا تعتمد على المعجم، بل تنسجم مع خصوصية كل آلة موسيقية تنتمي إلى بيئتها. هذه الذكريات المتناثرة صارت اليوم حجر الأساس الذي نبني عليه تأويلنا لقصائد "التسع أغانٍ"، التي يعود تاريخها إلى 2600 عام، كاشفةً عن مراحل وجودنا الكبرى، من لحظة الخلق وحتى الموت."