ولكن ليست أشجار النخيل مجرد أعجوبة غذائية أو فاكهة خفيفة شهية أو ظاهرة ثقافية، وإنما تعتبر أيضًا تفرُّدًا تاريخيًا وزراعيًا، فلها تاريخ عريق في جنبات الجزيرة العربية، فقد عثر العلماء على أدلة في واحة العلا تشير إلى أن أهلها زرعوا المحاصيل بها (ومنها التمور) منذ عام 4600 تقريبًا قبل الميلاد، وذلك بفضل
خصوبة تربتها البركانية الخصبة ووفرة مياهها من العيون والآبار.
كما تتجلى أهمية النخيل في النقوش الموجودة بمملكة دادان القديمة، التي كانت تتخذ من العلا عاصمةً لها، ولا سيما بين التكوينات الصخرية المنتشرة في جبل عكمة، إذ كانت دادان على ما يبدو مركزًا دينيًا مهمًا خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، وكان الإله «ذو غابة» أهم الآلهة التي تُعبد بها. وتتضمن بعض النقوش الموجودة في جبل عكمة إشارات إلى احتفالات أو قرابين مقدمة لهذا الإله، ظنًا ممن يقدمونها بأنه قادر على حمايتهم أو زيادة محاصيلهم أو إنماء زراعتهم على سبيل المثال.
اكتشف علماء الآثار قلائد مصنوعة من التمور خلال التنقيب في المقابر القديمة بموقع الحِجر (أول موقع بالمملكة العربية السعودية يدخل قائمة اليونسكو للتراث العالمي) الذي كان ذات يوم مدينة نابضة بالحياة يسكنها الأنباط الذين كانوا شعبًا مقدامًا ومغوارًا. وتسلِّط هذه العقود الضوء على مدى أهمية التمور للحضارات التي شيدت تلك المقابر الشهيرة.