استقبلنا بحفاوة كبيرة عند دخولنا المزرعة، واصطحبنا إلى الأشجار والشياه المحببة إلى قلبه، وشعوره بالفخر والاعتزاز كان واضحًا عليه عند تجولنا في المزرعة، حيث أشجار النخيل المتراصة في صفوف جميلة، وغصون الحمضيات تتدلى بالثمار التي سيحصدها في غضون أشهر.
وعند وصولنا إلى شجر «البرتقال»، ابتسم وأخبرنا أنه يعطي زائريه سلة فارغة؛ حتى يتمكنوا من قطف البرتقال بأنفسهم، ليعدّوا العصير الطازج بعد قطف الثمار من الشجرة، فما أجمله في أيام الصيف الملتهبة.
أعلم أنني سأعود إلى هنا مجددًا، وقد اتضح لي أن العلا تتألف من ثلاثة عناصر: الطبيعة الجبلية، وتاريخ البلدة القديمة، والواحة، وهي شريان الحياة ومبعث الهدوء والسكينة في النفس، ولكلٍّ منها أصوات وأشكال وروائح وقصص تختلف عن غيرها.
سألت "محمد" ما إذا كان يستطيع أن يتخيل العلا من دون واحة فيها، فنظر من حوله لوهلة، وأشعة الشمس الساحرة التي تتخلل سعف النخيل تحيط به، وقال إن الإنسان يستطيع أن ينتقل من منزل إلى منزل أكبر، أو حتى إلى مدينة أخرى، لكن المزارع لا يترك أرضه أبدًا.
وهنا فهمت قيمة الأرض لمن نشؤوا عليها جيلاً بعد جيل، فلا بديل للأرض عند أهالي العلا.