مساحة العلا للتصميم هو مركز جديد للتصميم يقع في قلب حي الفنون بالجديدة؛ مكان يلتقي فيه الماضي بالمستقبل، حيث ينبض التصميم بإيقاع المشهدين الثقافي والطبيعي للعلا. إنه أكثر من مجرد معرض أو أرشيف أو ورشة عمل؛ بل موسوعة حية للنشاط التصميمي في المنطقة: مساحة للتعلم، والإبداع، والتبادل، والتأمل. يدعو المصممين والزوار على حد سواء إلى استكشاف كيف يمكن للمكان أن يشكّل الممارسة، وكيف يمكن للتصميم، بدوره، أن يصيغ المستقبل.
 

جذوره ضاربة في إرث العلا كملتقى للحضارات، حيث تنظر هذه المساحة في الممارسات التصميمية العالمية من خلال عدسة شمال غرب الجزيرة العربية. هنا، يشكّل الجمال الخام للطبيعة، وعبقرية العمارة التقليدية، وحميمية الحِرَف اليدوية قاعدةً للابتكار التصميمي. فالمشاريع التي تُطوَّر من خلال هذا الفضاء، سواء كانت بحثية أو مادية أو منجزة أو حتى تخيّلية، تضيف طبقات جديدة إلى قصة تحوّل العلا.​​


مساحة العُُلا للتصميم أكثر من مجرد مكان, إنها منصة حيّّة للتبادل والإبداع والبحث
 

تعمل مساحة العلا للتصميم برؤية واضحة: استكشاف والاحتفاء بالت التصميم الملهم من خلال منظور العلا. وتتمثل مهمته في إبراز فلسفة وممارسة وتأثيرات الابتكار التصميمي المستوحى من العلا، وتشجيع الإبداع المستلهم من المكان في العقول المبدعة. إنه مساحة تحتضن التعاون بين التخصصات، وتدعم الممارسين الناشئين والراسخين، وتشكل بوابة للتواصل المستمر مع النظام التصميمي للعلا.

في جوهر هذه المبادرة التزام بطرح أسئلة أعمق: ماذا يعني أن نصمم مع المكان لا فيه فقط؟ كيف يمكن للأشكال المعمارية أن تعكس الذاكرة والهوية، وفي الوقت نفسه تستجيب لعالم سريع التغير؟ وما الأفكار الجديدة التي يمكن أن تنبثق عندما ينظر إلى التصميم ليس كسلعة، بل كعملية مشتركة ومتطورة، متجذرة في المجتمع والأخلاقيات والبيئة؟

من خلال المعارض، وبرامج الإقامة، وورش العمل، والمبادرات البحثية، والأنشطة العامة، تفعّل مساحة العلا للتصميم شبكة متنامية من المتعاونين، من المصممين السعوديين الشباب إلى الأصوات العالمية. وتستند هذه المشاركة إلى إيمان بأن التصميم لا ينبغي أن يكون جامداً أو محدداً سلفاً، بل تفاعلياً ومفتوحاً، يتيح حواراً بين الناس والمواد والبيئات.

كما تعد مساحة العلا للتصميم منصة للرؤية والتبادل. فهو يهدف إلى تقديم الجوهر الثقافي والجمالي للعلا كمصدر غني للإلهام التصميمي، إلى جانب تسليط الضوء على عمليات التخطيط، والمخططات الرئيسة، والسياسات التي تشكّل رحلتها الإبداعية. ومن خلال ذلك، تساعد المساحة على بناء فهم مشترك لبصمة التصميم الخاصة بالعلا، مبرزاً التعقيد والعناية وراء هذا التحول الثقافي، من المقاييس الإقليمية الكبرى إلى أدق التفاصيل.

ومن خلال معارضها المتجددة وأرشيفها المتاح، تدعو مساحة العلا للتصميم زوارها للعودة والتأمل وإعادة التفاعل. سواء كانوا طلاباً أو محترفين أو مجرد فضوليين تجاه التصميم، يمكنهم تعميق فهمهم لمبادئ التخطيط والتصميم في العلا، والتعرف على المشاريع الجارية، أو استلهام أفكار جديدة لرحلتهم الإبداعية الخاصة. كل زيارة تمنح تجربة جديدة، منظوراً مختلفاً، أو عدسة أخرى، أو حواراً ينتظر أن يحدث.
 

ترتكز مساحة العلا للتصميم على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي توجه برامجها وأثرها. تعكس هذه الأهداف إيماناً بأن التصميم محلي وعالمي في آن واحد، خالد وتجريبي، لطيف وسلس. سواء في التخطيط العمراني أو النماذج الأولية للمنتجات، أو في العمارة أو تصميم المناظر الطبيعية، يحتفي الفضاء بتنوع التخصصات التصميمية، جامعاً بين التقنيات الحديثة والجذور التقليدية.

وبفضل برامجها المتعددة وشموليتها، تخاطب مساحة العلا للتصميم شرائح متنوعة: من المحترفين والمصممين الناشئين إلى الطلاب والشباب والجمهور العام. ولكل منهم مدخل مختلف: وسيلة للاستكشاف والمساهمة والتحول. يغادر الزوار وفي جعبتهم ليس فقط معرفة بفلسفة التصميم في العلا، بل أدوات وإلهام لمواصلة رحلتهم الإبداعية الخاصة.

في نهاية المطاف، مساحة العلا للتصميم ليست مجرد مكان مادي، بل نقطة نبض للتصميم في المنطقة. مساحة تذوب بها الحدود بين التخصصات، ويصبح التعاون فيها محركاً للتغيير الحقيقي. إنه، مثل العلا نفسها، في حركة دائمة: يستجيب ويعكس ويعيد تخيل ما يمكن أن يكون عليه التصميم.

وإلى كل من يدخل: هذه مساحتك أنت أيضاً. شارك وساهم. تأمل وانعكس. كن جزءاً من قصة تصميم ما زالت تُكتب، قصة تبدأ هنا، في العلا، لكنها تتردد بعيداً خلف حدودها.

سارة غني   |    رئيسة مساحة العلا للتصميم