بين النخيل

اسمي خوص، ولدتُ وترعرعتُ تحت ظلال النخيل الشاهقة في العلا. جذوري هنا، حيث تتراقص السعف مع نسمات الصحراء الدافئة. يديّ تعرفان النخلة كأنها جزء مني؛ أختار الخوص بعناية، كل خصلة تروي حكاية.

إلهامي يتجلى في كل زاوية من الطبيعة المحيطة بي. من زرقة السماء الصافية، إلى حمرة الغروب الذهبية، ومن خضرة الواحات، إلى رمال الصحراء المتناثرة. لكن قصتي لا تكتمل دون الجبال الشاهقة في العلا. تشكيلاتها الصخرية المتناسقة، كجبل الفيل، تلهمني بأشكال وخطوط فريدة.

أرى فيها تصاميم لم تنسج بعد، وألواناً لم تُخلق إلا في مخيلتي.

وفي قلب هذه الطبيعة الخلابة، كانت مدرسة الديرة هي بيتي الثاني. بدأت رحلتي فيها كطفلة صغيرة أتعلم أبجدية الحياة، ثم عدت إليها معلمة أشارك المعرفة، واليوم أعمل بها مدربة، أنقل شغفي وحبي للحرف اليدوية لجيل جديد. هذه المدرسة شكلت جزءاً كبيراً من هويتي، وزرعت فيّ حب العطاء والإبداع.

هذه الألوان، وتلك الأشكال، وروح مدرسة الديرة؛ كلها أنسجها في أعمالي، تهمس للناظر بقصة الأرض التي حملتني، وقصة الجبال التي رافقتني، وقصة المكان الذي صقل هويتي. كل قطعة أصممها هي صدى لروحي، انعكاس لجمال هذا الكون الذي أعيش فيه وأتنفسه، وامتداد لتلك اليد التي تمرست وتعلمت ودربت في مدرسة الديرة. هذا هو عالمي، وهذا ما أقدمه من خلال فني.

رهف العدوان وأمل العمري جامعة الأمير سلطان

هذا التفاعل المكثف، الذي ربط جامعة الأمير سلطان بالمؤسسات الفرنسية الرائدة، وسّع آفاقنا في التصميم المعماري والعمراني بشكل عميق. كفريق من جامعة الأمير سلطان، استكشفنا طبقات العلا، وقرأنا المخطوطات في مكتبة الملك فهد حتى الفجر، وربطنا الطبقات القديمة بالتحديات العمرانية الحديثة. تحت إشراف الدكتورة علا جرار والدكتورة جين هاندل، تعلمنا التفكير خارج الإطار التقليدي أثناء تعاطينا مع الحي المركزي، الذي يشار إليه بـ"المنطقة بلا بطاقة بريدية".

بالتعاون مع زملائنا من ENSA باريس-مالاكويس وفال دي سين، طورنا مشروع: PALIMPSEST. في موقع محطة قطار العلا، أظهرت رسوماتنا وأفكارنا، التي تتبع ظلال الأنباط، كيف يمكن للتاريخ المتداخل أن يخلق سرديات غامرة. تصورنا زواراً يستشعرون النقوش الدادانية ويساهمون ببصمتهم الخاصة، مما يمكّن السكان المحليين من استعادة قصصهم.

كان تقديم عملنا إلى الحائزين على جائزة بريتزكر آن لاكاتون وجان فيليب فاسال في باريس بمثابة تقدير متواضع. علّمنا هذا التبادل كيف نسمع بعمق، ونكيف أنفسنا، ونشارك في الإبداع بهدف واضح. وأكد إيماننا بأن العمارة ذات المعنى تنشأ عندما تتفاعل الثقافات والتواريخ والمتعاونون بصدق مع القصص غير المكتوبة للمكان.

ماتياز بوتيرو وشيري ماكبث PSL مدرسة باريس-مالاكويس للهندسة المعمارية

العمل في العلا، في وسط الصحراء وبين الآثار القديمة، جعلنا نواجه مواقف لم نختبرها من قبل. كانت هذه هي المرة الأولى التي نستكشف فيها سياقاً غير غربي، وقد غيّر هذا الكثير من عاداتنا.

كان التبادل مع ENSA باريس-فال دي سين وجامعة الأمير سلطان تجربة قيمة. الدعم الذي تلقيناه من أساتذتنا والمحادثات مع الطلاب والمعلمين السعوديين ساعدتنا على فهم المكان بشكل أفضل وتعديل منهجنا. منحنا هذا فرصة للتراجع وإعادة التفكير في طريقة تعاملنا مع العمارة.

نور إياد وساشا جارين ENSA باريس-فال دي سين

كان التبادل مع جامعة الأمير سلطان وباريس-مالاكويس تجربة إنسانية وثقافية قوية. كانت الإقامة في السعودية غنية ومحفزة. كان العمل التحليلي الذي قامت به المدارس المختلفة بمثابة طريقة ممتعة لفهم الموقع من وجهات نظر مكملة.

أسبوع الورش العملية في الموقع أتاح فرصة لمزج منهجيات كل مدرسة لتطوير مشاريع مثيرة ترتبط بأنماط العمران في العلا. سمحت لنا هذه الفرصة لفهم السعودية بشكل أفضل وتعزيز تأملنا المعماري.