لا تخفي العلا نفسها. بل تعلن عن وجودها على الفور.

يشعر المرء بأن الأرض دقيقة وصارمة، ليس لأنها سهلة القراءة، بل لأنها تواجهك باتساعها، وانكشافها، والذاكرة في آن واحد. تشكيلات الحجر الرملي الشاهقة والقبور المقدسة تفرض حضورها لتحتويك في سكونها؛ بل تجعلك ثابتاً في مكانك. إنها تطلب شيئاً يتجاوز الإدراك السطحي.

ماذا يعني أن تعمل في منظر طبيعي يبدو متكاملاً تماماً، لكنه يستمر في التغير تحت قدميك؟ ما هي أشكال الانتباه التي يتطلبها هذا، وكيف يمكن أن يعيد تشكيل دور الصانع؟


يصبح التصميم ذا معنى حين لا يكون المكان خلفية، بل طرفًًا فاعلاً في العملية.
 

منذ تأسيسها في عام 2023، لم تكن إقامة التصميم في العلا مجرد برنامج يسعى لنتائج محددة، بل منصة تنسيقية يمكن من خلالها للمصمم أن يفكر مع المكان. تقع هذه الإقامة ضمن منطقة تتشكل عبر عوالم كونية قديمة وتنمية معاصرة، وتوجد عبر شبكة حية من التشابكات الزمنية والثقافية.

يحدد المخطط الرئيسي "رحلة عبر الزمن" للهيئة الملكية لمحافظة العلا رؤية ثقافية طويلة الأمد تجمع بين استمرارية عميقة وتحول سريع. في هذا السياق، تعمل الإقامة كأداة للبحث البطيء، والتحقيق في المواد، والتفاوض المكاني.

ما ظهر خلال الإقامة هو مجال تحقيق مشترك. بأي طرق يمكن الاعتراف بالحضور المادي كشريك بدلاً من مورد يسيطر عليه؟ ما هي أنماط التأليف والفاعلية التي تنشأ عندما تتشابك الأزمان البشرية وغير البشرية في تشكيل المكان؟ ما المسؤوليات التي يجب أن يعترف بها المصمم عند مواجهته حدوده وتعقيداته داخل مناظر طبيعية معقدة ومتطورة؟

أخذ بحث المشاركين في الإقامة أشكالاً متعددة: زيارات ميدانية مع الحرفيين المحليين، رسم خرائط للإيكولوجيا المعدنية، واختبار تفاعل المواد في ظروف قاسية. لقد أصبحت هذه الأفعال من جمع وتوثيق وتتبع واحتضان جزءاً من لغة التصميم، ليس كمجرد تمهيد، بل كممارسة قائمة بذاتها. فهذه الإيماءات تعد نتائج، ليس لأنها تسعى إلى حل نهائي، بل لأنها تحمل وفاءً وسياقاً صادقاً للمكان.

كانت المهمة التنسيقية هي حماية هذا الأسلوب من العمل. فالعلا ليست سياقاً يمكن تبسيطه. تعقيدها لا يمكن اختزاله إلى وضوح، ولا يمكن تفسيره عبر سردية واحدة. ما تتطلبه هو الحضور. دور المنسق ليس الترجمة أو الوساطة، بل الحفاظ على مساحة للبحث تبقى حية وذات صلة ضمن هذا الأرشيف الحي. إن الضغط من أجل الإنتاج، العرض، والتفسير دائماً موجود. ومع ذلك، فإن التحولات الأعمق غالباً ما تقاوم التوثيق. نجدها في الأساليب المتبدلة، في الإيماءات الأبطأ، وفي القرار الواعي بعدم التدخل. ما تغذّيه هذه الإقامة ليس البحث فحسب، بل تغير في النهج. أسلوب في الممارسة يقدر الصبر، والعلاقات، والانتباه المستمر.

إقامة التصميم في العلا ليست قالباً ثابتاً، بل أداة تنسيقية حية. إنها تدعونا للتفكير فيما يصبح عليه التصميم عندما لا يكون المكان خلفية، بل مشهد تفاعلي نشط؛ عندما لا تكون الذاكرة شيئاً يمثل، بل شيئاً يشكّل شروط التفاعل نفسها. وعندما لا يقاس العمل بما ينتج، بل بكيفية وجودنا مع ما هو موجود بالفعل.

في العلا، لا تعد هذه الاعتبارات خارجية عن العمل؛ بل هي حاضرة بالفعل في الأرض، في الهواء، في الهياكل المتبقية. ليست مهمة الإقامة حلّ هذه المسائل، بل توفير مساحة يمكن أن نعيش معها؛ ندرسها، نتحداها، ونعيد صياغتها عبر الزمن. ومن خلال ذلك، تبدأ في تشكيل إرث من نوع مختلف، إرث لا يقاس بالأشياء أو النتائج، بل بعمق الانتباه الذي نحن على استعداد لتقديمه.

دومينيك بيتي-فير | المؤسِِّسة لمكتب ”ليمبو أكرا"

القيِِّمة على إقامة العُُلا للتصميم 2025