لقد مرَّت بضع سنوات منذ أن زرت تيماء لأول مرة لإلقاء نظرة على «
بئر هداج».. إحدى أكبر الآبار في الجزيرة العربية وأقدمها. ومنذ ذلك اليوم، وأنا مفتونة بأن هذا هو المكان الذي قصده آخر ملوك بابل ليقيم فيه.. منذ ألفي ونصف عام.
تأتي أول إشارة مكتوبة إلى تيماء في نص مسماري من عهد الملك «نينورتا خذرصر» حاكم سوحو (الفرات الأوسط حاليًا) في القرن الثامن قبل الميلاد. يروي خبر هجوم على قافلة من تيماء وسبأ، وأسر الكثير من رجالها واغتنام الكثير من إبلها، فضلاً عن الصوف والحديد والأحجار الكريمة.
كانت تيماء إذًا واحة تجارية معروفة منذ قديم الزمان.
كانت القوى الإقليمية تعرف تيماء في العصور القديمة، لكنها غير معروفة نسبيًا اليوم. تقع تيماء شمال غربي المملكة عند النقطة التي تبدأ فيها الطرق القديمة بين المدينة المنورة ودومة الجندل بعبور صحراء النفود.. واحة كبيرة تاريخها حافل باستيطان البشر فيها.
ومع تضاؤل أهمية طرق التجارة والحج القديمة بعد اختراع السيارات والطائرات، ما عادت من المحطات التي يتوقف فيها التجار والحجاج، فخرجت من دائرة الضوء. إلا أن هذا يزيد من سحرها في نظري، لأنه يجعلها تحتفظ بطابعها وشخصيتها القديمة