بكرا في المشمش

خمس سنوات من حياة النساء السوريات في الأردن (2012-2017)

لقد دمرت الأزمة السورية بلدًا كنت أعرفه وأحبه. فقد اُنتزع الاستقرار الذي عرفته سوريا ذات يوم و بأغلى ثمن، لم تكن المعارضة مسموحة، كما قُمعت حرية التعبير وحرية التنظيم النقابي، فامتلأت سجون النظام السوري سيئ السمعة بكل من يعارض. "بكره في المشمش" هو مشروع وُلد من فضائع الوقت الحالي إذ غرقت فيها سوريا في الظلام.

بصفتي مصورة صحفية غالبًا ما يتم تكليفي بتغطية امتداد كارثة سوريا إلى الأردن، لكن بعد الانتهاء من كل قصة وتقديمها، يتبقى لدي مواد لا حصر لها من قصص خارج نطاق تلك المهام ولابد من مشاركتها، وفي نفس الوقت تحتاج إلى شكل مختلف من العرض لتكشف عن مكنوناتها. كان أكثر ما تعرفه عن حياة هؤلاء السوريين هو الفقد: فقد الأحباب والأماكن على حد سواء. ولكن كيف يمكنك تصوير ما هو مفقود؟ للتغلب على هذه التحديات تعاونت مع كل من صورته لإنشاء صور البورتريه التمثيلية هذه. ويمكن تصنيف المشروع تحت عدة مسميات: دراسة، تحقيق، وثائقي، إعادة تمثيل، أرشيف، اجترار، وحتى استحضار أرواح، لأولئك اليائسين في رحلة من إعادة ذكرى الموتى أو مواجهة الماضي واشباحه.

" بكرا في المشمش " هو عمل يروي هذه القصة من خلال النساء اللواتي يستخدمن أجسادهن لأداء قصصهن، فيعبرن ويتحدثن عن المعاني الحبيسة. رواية عاطفية وتحقيقية تروى في ثلاثة فصول مختلفة عن الحرب الأهلية السورية، مزجت فيها الروايات المجازية كتوليفة من الشعر الأصلي التمثيلي والتسجيلات الحميمية ومذكرات الأفلام والصور المتحركة والثابتة. كما يضم العمل قسم ملحق بعنوان "شهادات" يتناول قصص ما حدث للرجال الغائبين في حياة تلك السيدات، تاركين وراءهم صور مختزلة على هواتف محمولة، أو تمثلهم شخصيات من شاشات التلفزيون أو كصورة هاربة من أفلام بوليوود: في مجموعة فريدة، حميمية، مروعة.

تم تغيير جميع الأسماء إلى أسماء مستعارة بناء على طلب الأشخاص الذين تمت مقابلتهم لحمايتهم.

*مثل عربي معناه:" سأصدق ذلك عندما أراه " - أي أنك تشك بجدية في حدوث شيء ما.

نشأت تانيا حبجوقة (1975، الأردن) بين تكساس والشرق الأوسط، وكسبت سمعة جيدة في صناعة الأفلام الوثائقية التي تجمع السياسة والرؤية الإبداعية في نفس الإطار.

تركز أعمالها على الهوية والقضايا الاجتماعية والسياسية في الشرق الأوسط، وتخبئ بين سطور أعمالها دومًا لمسة من الجاذبية والإحساس البديهي للاستعارات. وتعد تانيا فنانة ومعلمة وعضو في وكالة نور إيماجيس.

تعتمد تانيا نهجًا قائمًا على السلاسل، فتنغمس في البحث والترابط بين الممارسات الصحفية والأكاديمية والمفاهيمية والوثائقية. في السنوات الأخيرة حضت مشاريعها على إشادة من صور الصحافة العالمية، التايم، والسميثسونيان. وتعاونت معها عدة منظمات مثل منظمة العفو الدولية للقيام بحملات إعلامية في عدة بلدان.

تانيا هي معلمة في "برنامج التصوير الفوتوغرافي الوثائقي العربي" وتجري ورش عمل دولية. تدربت في مجال الصحافة والأنثروبولوجيا، وقد حازت على شهادة الماجستير في الإعلام وسياسة الشرق الأوسط من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن.

عرضت أعمالها في جميع أنحاء العالم، وتملك مجموعات دائمة من متحف الفنون الجميلة في بوسطن، ومعهد العالم العربي، ومتحف كارنيغي للفنون. وتمثل تانيا معرض الجناح الشرقي في الدوحة بقطر.